الرئيسية / مقالات تعليمية / التسرب الإلكتروني بين الرغبة في التعليم والملل من الالتزام

التسرب الإلكتروني بين الرغبة في التعليم والملل من الالتزام




التسرب الإلكتروني بين الرغبة في التعليم والملل من الالتزام

تعليم جديد، أفكار تعليمية جديدة، تعليم مختلف: التسرب الإلكتروني بين الرغبة في التعليم والملل من الالتزام التعليم في وزارة التربية والتعليم العالي

#التسرب #الإلكتروني #بين #الرغبة #في #التعليم #والملل #من #الالتزام

مقدمة

في ظل العصر الحالي، ونتيجة للاعتماد بشكل واضح وقوي على التعليم عن بعد من قبل المؤسسات التعليمية بجميع المراحل، أصبحت الكثير من التحديات تظهر بشكل واضح على الساحة، وتجاوزاً للحديث عن مميزات التعليم عن بعد في ظل الأزمات والكوارث لكثرة تناولها من قبل، سوف نتطرق في هذه المقالة إلى ظاهرة واكبت عملية الاعتماد على نقل المحتوى التعليمي للمنزل تحقيقاً لأهم الإجراءات الاحترازية في ظل وجود أزمة كورونا وتعايش الجميع معها.

من قبل كنا نجد ظاهرة التسرب الدراسي أو التسرب التعليمي من النظام التعليمي، والتي كانت ولا زالت تتركز في مرحلتي التعليم الأساسي (الابتدائي والإعدادي)، وبالاطلاع على الكثير من الاحصائيات لوحظ أن هذه النسب أصبحت تنخفض بشكل ملحوظ في العصر الحالي، لكن ومع ظهور الحاجة الملحة لتطبيق وتنفيذ واستخدام التعليم عن بعد، وتوجيه الأنظار نحو تكنولوجيا وتقنيات التعليم، ظهرت الكثير من الظواهر، والتي كانت في بدايتها تقليدية بحتة، وتم رقمنتها مع رقمنة النظم التعليمية في العصر الحالي، والتي من أهمها (التسرب الإلكتروني).

مفهوم التسرب الإلكتروني

يعرف التسرب الإلكتروني بأنه: “الدخول في نظام للتعلم الإلكتروني عن بعد من قبل الطلاب، وإمضاء بعض الوقت فيه، ثم تركه لأسباب عدة قبل إتمام عملية التعلم بشكل كامل للمحتوى، ودون متابعة الدراسة”.

فيعني الانقطاع الجزئي أو الكلي عن مواصلة العملية التعليمية عن بعد حتى النهاية، مما يشكل عائقاً كبيراً، وتحدياً واضحاً في تطبيق المنظومة الجديدة في ظل أزمة كورونا، فالتسرب الإلكتروني ظاهرة إلكترونية خطيرة تؤثر على سير العملية التعليمية بوضعها الجديد.

ظهر لدى الكثير من الطلاب والطالبات في مراحل تعليمية مختلفة قلة الرغبة في التعليم عن بعد، والتخوف الشديد من ذلك، وعدم قدرة النظام الرقمي على الاحتفاظ بالطالب لفترة طويلة نتيجة تطبيقه بشكل مفاجئ، ودون وجود أي استعدادات لدى الطلاب أو المعلمين أو الإدارة المدرسية.

فهو صورة من صور الفقد الرقمي في المجال التعليمي، والتي تنبع من عدة أسباب سوف يتم تناولها كالآتي:

أسباب التسرب الإلكتروني

تتعدد أسباب التسرب الإلكتروني، فمنها ما يتعلق بشخصية الطالب، ومنها ما يتعلق بقدراته، ومنها ما يتعلق بالوضع الاجتماعي والاقتصادي للأسرة، ومنها ما يتعلق بالمعلم، وسوف يتم توضيحها كالآتي:

أولاً: الأسباب الشخصية

  • عدم الرغبة في التعلم عن طريق التعليم عن بعد.
  • وجود مشكلات صحية تمنع الطالب من التعامل مع الأجهزة الإلكترونية.
  • استخدام التكنولوجيا ووسائلها للترفيه فقط، وليس للتعلم.
  • ضعف الثقة بالنفس والشعور بالنقص والإحباط والقلق والخوف نتيجة تطبيق منظومة جديدة لا يدري الطالب عنها شيئاً.
  • الانشغال بأعمال منزلية أو شخصية أو اجتماعية، وعدم الاهتمام بالتعلم إلكترونياً.

ثانياً: قدرات الطالب

  • ضعف القدرات التكنولوجية لدى الطالب.
  • عدم وجود قدرة على التواصل والتعامل مع التطبيقات والمنصات الرقمية.
  • تدني مستوى الذكاء ووجود صعوبات في الاستيعاب رقمياً.
  • قلة التركيز في حالة التعلم بشكل إلكتروني.

ثالثاً: الوضع الاجتماعي والاقتصادي للأسرة

  • تشغيل الأسرة للطالب في أعمال غير التعليم، نظراً لكون التعلم يتم بالمنزل.
  • عدم وجود أجهزة ذات جودة عالية لاستخدامها في التعليم عن بعد.
  • عدم توفر إنترنت في الأماكن النائية والتي يصعب وصول الشبكة إليها.
  • قلة اهتمام أولياء الأمور بقيمة ومكانة التعليم عن بعد في ظل أزمة كورونا.
  • وجود جو انفعالي ومشدود داخل الأسرة لا يساعد على التعلم عن بعد.
  • ضعف الثقافة الرقمية لدى أولياء الأمور.

رابعاً: أسباب تتعلق بالمعلم

  • تقديم المحتوى من خلال أدوات تكنولوجية ليست عالية الجودة.
  • قلة قدرات المعلم التكنولوجية تعود بالسلب على استخدام الطلاب للتعليم عن بعد.
  • وجود مشكلات بالصوت أو مشكلات فنية في عملية تقديم المحتوى للطالب بالمنزل.
  • عدم اقتناع المعلم بعملية التعلم إلكترونياً بشكل كامل، وتخوفه ورهبته من استخدام التكنولوجيا في التعليم.

كيفية مواجهة التسرب الإلكتروني

يمكن مواجهة التسرب الإلكتروني من خلال عدة أمور منها الآتي:

  • رفع الكفاءة العملية والأدائية للقدرات التكنولوجية لدى الطلاب والمعلمين من خلال توفير ورش عمل إلكترونية في أوقات الإجازات والفراغ.
  • توفير المحتويات الدراسية بشكل جذاب إلكترونياً.
  • توفير منصات تعليمية مخصصة، يتم من خلالها إعداد فصول دراسية إلكترونية، فيشعر الطالب وكأنه في فصله ووسط زملائه.
  • توعية أولياء الأمور بأهمية وضرورة التعليم عن بعد في ظل الأزمة الحالية.
  • توفير دعم نفسي للطلاب الذين يعانون من الخوف والقلق نتيجة استخدام وتوظيف التكنولوجيا في التعليم.
  • توجيه الأسر باستخدام وسائل الإعلام المتوفرة في جميع المنازل نحو دعم أبنائهم في التعليم عن بعد، وعدم زيادة القلق والتوتر لديهم.
  • تحديد أوقات تعلم إلكتروني محددة ومناسبة للجميع، وعدم ترك الأمر عشوائياً.
  • تقديم أنشطة إلكترونية تعليمية شيقة للطلاب باستمرار، تعمل على جذبهم وتوفير الجانب الترفيهي التعليمي لهم.

من خلال توفير بعد الإجراءات والمتطلبات يمكن التغلب على مشكلة التسرب الإلكتروني، والتي ظهرت بشكل واضح لدى الطلاب بعد تطبيق منظومة التعليم عن بعد، ولمحاولة التغلب أيضاً على مشكلات التعليم عن بعد نفسه، وترسيخ الأمر في أذهان الطلاب والمعلمين كثقافة لابد من وجودها في العصر الحالي.

فالتعليم عن بعد ليس حلاً سحرياً بشكل دائم، ومن الطبيعي ظهور الكثير والكثير من المشكلات التي تعاني منها كافة الأطراف المشتركة فيه، من طلاب ومعلمين وإدارة، وغير ذلك. وحتى نصل للجودة المرغوبة، لابد من العمل على رفع كفاءة الطلاب والمعلمين والإدارة المدرسية والبنية التحتية في كافة أجزاء الدول العربية لضمان تقديم تعليم إلكتروني عن بعد بجودة عالية، وضمان وصوله لأبعد الحدود لتحقيق تكافؤ الفرص بين الجميع طلاباً ومعلمين.

كاتب المقال

تامر الملاح

باحث و مطور في مجال تكنولوجيا التعليم و التربية، ومهتم بمشكلات التعليم، كلية التربية،
جمهورية مصر العربية