الرئيسية / أخبار / رابطة “آسيان” وسورية وحالة عدم اليقين

رابطة “آسيان” وسورية وحالة عدم اليقين



رابطة “آسيان” وسورية وحالة عدم اليقين

بقلم: أ.د. حيان أحمد سلمان

تأسست رابطة ( آسيان ASEAN ) التي تعبر عن رابطة دول جنوب شرق آسيا سنة / 1976/، أي في ذروة الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفييتي السابق وحرب فيتنام والنهوض الاقتصادي الياباني الكبير، وتضم /10/ دول وهي (إندونيسيا – ماليزيا -الفيلبين – سنغافورة – تايلند – بروناي- فيتنام – لاوس – بورما – كمبوديا)، بدأت منذ تاريخ 26/10/2021 عقد القمتين /38 و39/ للرابطة تحت شعار: «نهتم ونستعد ونزدهر» بمؤتمر افتراضي بسبب تداعيات وباء “كورونا”، وتستمر القمتان مدة /3/ أيام برئاسة بروناي وبغياب بورما التي تعاني مشكلات سياسية واضطرابات أمنية كبيرة، دول آسيان منقسمة على نفسها مما يجري في بورما، تضمن برنامج أعمال القمتين على آلية وكيفية تعزيز الانتعاش والنمو الاقتصادي النسبي وهو أقل من المخطط بسبب تأثيرات “كورونا”، وأيضاً مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية المشتركة، ووضع خطط طويلة الأجل وتقليل بؤر التوتر في العالم وزيادة انفتاح دول آسيا على بعضها البعض…الخ، ومن المتوقع أن ينضم إلى القمتين شركاء للحوار مع آسيان وخاصة (الصين واليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا وروسيا) وغيرها، لكننا نتوقع أن يتم التركيز أيضاً على ما يجري حالياً في بحر الصين الجنوبي ولاسيما بعد الاستفزازات الأمريكية الأخيرة وهي تسعى لحشد دول الرابطة ضد جارتها الصين وخلق بؤر توتر جديدة كما فعلت ضد الاتحاد السوفييتي السابق ومحاولتها محاصرته وتطويقه من كل الجهات ومنع توسعه .. فهل تتجاوب دول آسيان مع التطلعات الأمريكية وتتناقض مع ميثاقها المتضمن حل النزاعات بالطرق السلمية وعدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول الأخرى واحترام استقلالية وسيادة كل دولة على أرضها وإبعاد التدخلات الخارجية والاحتكام إلى ميثاق الأمم المتحدة …إلخ، أم ستتجاوز الإملاءات الأمريكية وتقدم أنموذجاً اقتصادياً عالمياً للنمو والتنمية، و لاسيما أن أغلب دولها تمتلك مقومات ذلك؟، يتبين لنا هذا من خلال الاحتكام إلى مؤشرات (صندوق النقد الدولي IMF ) وخاصة مؤشره الأخير عن المستوى المطلوب من احتياطيات العملات الأجنبية لتكون مناسبة وقادرة على تحقيق الانطلاقة الاقتصادية، حدد الصندوق ذلك بعدد من المؤشرات الفرعية ومنها «إذا تراوحت قيمة الاحتياطيات قيمة الصادرات لمدة ثلاثة /3/ أشهر قيمة المستوردات – أن تكون كافية لسداد الدين الخارجي قصير الأجل لمدة سنة واحدة – أن تكون تعادل أو تزيد على /20%/ من الأموال بالمفهوم الواسع بين / 100-150% / من مقياس صندوق النقد الدولي (IMF EM ARA) »، وأغلب دول الرابطة محققة لهذه الشروط، فمثلاً ( تايلاند ) ورغم تراجع اقتصادها خاصة قطاعها الأساسي ( السياحة ) فإن احتياطاتها النقدية البالغة /227/ مليار دولار تغطي أكثر من /224%/ من مقياس تقييم كفاية الاحتياطيات الخاص بصندوق النقد الدولي وتغطي أكثر من /10/ أشهر للمستوردات وحوالي /3/ سنوات من قيمة الديون قصيرة الأجل و/35%/ من مفهوم الأموال الواسعة ، أمّا ماليزيا التي تعتمد على الاقتصاد الصناعي فإن لديها فوائض تقدر بحدود /103/ مليارات دولار وبنسبة تغطية للصادرات بنسبة /118%/ وبما يقرب من /6/ أشهر من تغطية الاستيراد وحوالي /0.8/ عاماً من الديون الخارجية قصيرة الأجل و22% من الأموال بمفهومها الواسع وحوالي 114% من مقياس صندوق النقد الدولي (IMF EM ARA)، بينما الفيلبين فإن الاحتياطيات الرسمية بحدود /88/ مليار دولار أمريكي تغطي /8/ أشهر للمستوردات وأكثر من /4/ سنوات من الديون الخارجية قصيرة الأجل، و/31%/ من الأموال بمفهومها الواسع، وحوالي /195%/ من مقياس صندوق النقد الدولي (IMF EM ARA)]، أما أندونيسيا فقد بلغت الاحتياطيات النقدية حوالي /128/ مليار دولار وتفي بالمعايير المناسبة مع تغطية الواردات لمدة /7/ أشهر وحوالي / 2/ سنة من الدين الخارجي قصير الأجل و/26%/ من الأموال بالمفهوم الواسع، وحوالي 114% من مقياس صندوق النقد الدولي IMF EM ARA ، وبشكل عام ومن خلال التحليل الاقتصادي تبين لنا أن أغلب دول رابطة آسيان تتمتع بمرونة كبيرة لمواجهة التغيرات الكبيرة في الاقتصاد العالمي وخاصة تدفقات رأس المال وزيادة حالات عدم اليقين في الاقتصاد العالمي، ولكن أغلبها يتعرض لتدخلات أمريكية سافرة لكنها واجهت ذلك بالتركيز على مناعتها الاقتصادية الداخلية بتعزيز وتقوية اقتصادها وخاصة الإنتاجي، وانطلاقاً من هذا فإن الكثير من الاقتصاديين يؤكدون أن الواقع الاقتصادي لدول “آسيان” حالياً هو الأفضل بين الاقتصادات الناشئة في العالم لسنة /2021/ وستزداد قوة في السنوات القادمة، وسيترسخ هذا إذا انضمت إلى الرابطة كل من (روسيا والصين)، وهذا يتيح لنا في سورية أن نستفيد من تجربة هذه الرابطة التي تربطنا علاقات جيدة مع أغلب دولها.


صحيفة تشرين