الرئيسية / مقالات تعليمية / التعليم وتحسين جودة الحياة لدى أفراد المجتمع

التعليم وتحسين جودة الحياة لدى أفراد المجتمع




التعليم وتحسين جودة الحياة لدى أفراد المجتمع

تعليم جديد، أفكار تعليمية جديدة، تعليم مختلف: التعليم وتحسين جودة الحياة لدى أفراد المجتمع التعليم في وزارة التربية والتعليم العالي

#التعليم #وتحسين #جودة #الحياة #لدى #أفراد #المجتمع

التعليم وتحسين جودة الحياة

المحتويات

مقدمة:

يمنحنا التعليم معرفة العالم من حولنا ويطور فينا منظورا جديدا للحياة فهو أهم عنصر في تطور المجتمع. بدون التعليم لن يكتشف المرء أفكارا جديدة، وذلك يعني أنه لن يستطيع أن يطور نفسه ويبدع، وبدون إبداع ليس هناك تنمية لجوانب الحياة المختلفة.

لاشك أن التعليم يلعب دورا كبيرا في العالم المتحضر. فالأفراد في حاجة لتعليم جيد ليتمكنوا من الاستمرار والتطور والنمو في عالمنا التنافسي. إن مجتمعنا المعاصر يعتمد في نموه على الأفراد الذين يمتلكون مستويات معرفية وذهنية عالية ومهارات وقدرات تساعدهم على التمكن من تنفيذ حلول أفضل لمشكلاتهم ومشكلات بيئتهم ومجتمعهم.

هدف المقال وأسئلته:

يسعى المقال إلى التعريف بدور التعليم والتعلم في تنمية المجتمع من خلال الإجابة عن الأسئلة الآتية:

1- كيف يساعد التعليم في تحسين جودة الحياة لدى الأفراد على المستوى الشخصي والفكري والاجتماعي؟

2-كيف يمكن أن تنعكس جودة الحياة على تنمية المجتمع؟

3- ما المجالات التي يساعد فيها التعليم على جودة حياة الأفراد؟

4- ما التوصيات التي يمكن تقديمها؟

يعد التعليم حقا إنسانيا للجميع، فهو مفتاح الرقي لأي مجتمع وهو أساس للتنمية والتقدم الاجتماعي وحرية الإنسان على الدولة أن توفره وتكفله وتدعمه وتشرف عليه. ولهذا لم يعد هدفاً في حد ذاته، بل وسيلة وضرورة لتحقيق جودة الحياة وما تستوجبه من مهام في تلبية متطلباتها، وأنه أهم وسائل إعداد الأفراد للعمل ومسانده التغيير والتكيف مع عالم معقد وسريع، وأنه الأساس في حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وهو قوة دافعة في عملية تعزيز القيم والاتجاهات الإيجابية في المجتمع.

وعلى الرغم من أن الإنسان المعاصر يمتلك مقومات ومظاهر حياتيه مادية بدرجة أكبر عما كان عليه سابقاً، إلا أن الرضا عن الحياة لديه أصبح ضعيفاً نتيجة امتلاء الحياة المعاصرة بالضغوط سواء النفسية أو الاجتماعية أو المعيشية، ومن هنا ينطلق مفهوم جودة الحياة، إذ تعرف بأنها:

مدى رضا المرء عن ذاته وعن حياته بشكل عام، وسعيه المتواصل لتحقيق أهداف ذات قيمة ومعنى بالنسبة له، ومنها استقلاليته في تحديد مسار حياته، وإقامته لعلاقات اجتماعية متبادلة مع الآخرين، كما ترتبط جودة الحياة بالإحساس العام بالسعادة والسكينة والطمأنينة النفسية.

وتعرف كار ليف (2006) جودة الحياة بأنها قدرة الفرد على إدراك وضعه في الحياة ضمن سياق البيئة والثقافة التي يعيش فيها، ومدى تطابق ذلك مع توقعاته وقيمه واهتماماته حول صحته الجسدية وحالته النفسية ومعتقداته الشخصية وعلاقاته الاجتماعية.

وترى المرشد (2018)  أنه بالتعليم يمكننا بناء مفاهيم وثقافات ومعتقدات اجتماعية صحيحة لأفراد المجتمع، بما يتضمن الأخلاقيات والتعاملات المختلفة المتصلة بجوانب الحياة العامة التي نشترك فيها كمواطنين وكأفراد تحت مظلة الوطن، وبما يسهم في تحقيق جودة الحياة التي نسعى نحوها ونتطلع إليها؛ لتكون تلك المفاهيم جزءاً من ثقافتنا الوطنية التي يؤمن بها كل فرد ويحافظ على مصداقيتها وتطبيقها بتلقائية ذاتية، وليكون ضميره وقناعاته هو الوازع والرقيب الذي يردعه أو يحفزه للتعاطي مع ظروف الحياة ومتطلباتها المختلفة بإيجابية، والتي سينعكس مردودها عليه وعلى مجتمعه.

الكثيرون يسعون إلى إكمال دراساتهم من أجل تلبية متطلباتهم ومتطلبات المجتمع المعاصر، ويضحون بأوقاتهم وأموالهم وحتى بصحتهم من أجل رفع مستواهم العلمي لأنهم يعتقدون بأن التعليم هو جواز مرور لمستقبل وغد أفضل.

لقد شهد التعليم تغيرات سريعة داخل النظم التعليمية التقليدية وخارجها، حيث أدت إلى ظهور التعليم الإلكتروني والتعليم الدولي والتعليم المتخصص، كما أدت إلى ظهور مفاهيم جديدة منها مفهوم ( التعليم من أجل التعلم)، فضلا عن توفير تعليم مرتبط بحياة الطلاب. كل ذلك بات ضرورة ملحة لمواجهة التغير السريع الذي يشهده العالم.

هناك إدراك واسع من قبل عامة الناس في المجتمع تجاه أهمية التعليم، فقد أشارت إحدى المسوح العالمية للتوجهات التي أجريت على أربع وأربعين دولة إلى أن التعليم الجيد هو العامل الأكثر أهمية لنجاح الفرد في حياته، وهذا بدوره ينعكس على تقدم المجتمع.

إن التطور العالمي الذي نعيشه اليوم استوجب تحديات تكيفية في ضمان ارتباط التعليم بالقضايا الحياتية المستجدة للطلاب كالحاجة إلى العيش طويلا والتمتع بصحة جيدة وكذلك المشاركة الإيجابية كأعضاء نشطين داخل مجتمعاتهم، إلى جانب مشاركتهم الاقتصادية والسياسية في المؤسسات المحلية والعالمية وارتباطهم بالبيئة بشكل دائم.

لقد أشار تقرير (فور) الذي يعرف باسم (تعلم حتى تكون موجودا) إلى ضرورة التعلم مدى الحياة لتطوير القدرات من أجل العمل والمشاركة الفعالة في المجتمع، كما أشار إلى ضرورة التزام المجتمع بدعم التعلم مدى الحياة. كما أشار ديلور في تقريره الذي جاء تحت عنوان (التعلم: الكنز الثمين) إلى الأركان الأربعة للتعلم، التي يجب ان تتمثل في الاتي:

تعلم أن تعرف، تعلم أن تفعل، تعلم أن تكون، تعلم أن تتعايش

وفي إطار دراسة دور التعليم في تحقيق جودة الحياة، تبلورت عدة مفاهيم ارتبطت بهذا المجال منها (التربية الحياتية أو التربية من أجل الحياة، التعليم للحياة، التعليم من أجل التنمية المستدامة، والتعليم من أجل حياة أفضل… إلخ)، حيث تسهم تلك المفاهيم في إعداد الأفراد لمواجهة احتمالات وتحديات المستقبل والاستفادة من الموارد والإمكانات المادية والبشرية والفنية المتاحة في المجتمع.

ويقصد بمفهوم التعليم من أجل جودة الحياة بأنه نمط تربوي يساعد الفرد في إدارة حياته وفي التكيف مع ذاته وفي التعايش مع المتغيرات الحديثة ومتطلبات الحياة مما يجعله قادراً على تحمل المسؤوليات ومواجهة المشكلات ومقابلة التحديات التي يفرضها العصر الذي يعيشه.
ويمكن إيجاز المجالات التي يساعد فيها التعليم على جودة حياة الأفراد في المجتمع بالآتي:

1- تحسين الوضع المعيشي للأفراد من خلال الترقية في المهنة أو الحصول على مهنة جديدة، وبالتالي يمكن أن يلبي احتياجاته الأساسية ومتطلبات عائلته.

2- إذا تعلم الشخص جيدا ستكون لديه حصانة فكرية، فلن يخدعه أحد بسهولة ويكون أقل ميلا للاستجابة للأفكار المتطرفة أو التي تدعو إلى العنف.

3- إذا كان أفراد المجتمع متعلمين جيدين ويمتلكون المهارات المطلوبة فإن اقتصاد البلاد سوف يزدهر إذ يساعد التعليم الأفراد على الاعتماد على الذات، وبناء الثقة بأنفسهم في إنجاز المهام الصعبة والمنتجة…

4- يساعد التعليم الجيد في نشر ثقافة الحفاظ على البيئة والالتزام بالنظام والقانون في المجتمع.

5- التعليم له دور طويل الأمد في تنمية المعرفة واستيعاب حقوق الإنسان والقيم التي يمثلها والمهارات المطلوبة لتقوية الثقافة الديمقراطية.

6- تتحقق جودة التعليم من خلال إدماج المرأة في الأنشطة والبرامج التعليمية، فضلا عن منحها الحق في تسلم القيادة التربوية والجامعية مما سينعكس ذلك إيجابا في تنمية المجتمع.

7- بسبب نقص التعليم وانتشار الأمية يعاني الكثير من المواطنين من التمييز والنبذ والظلم السائد في المجتمع، ولكن مع تقديم التعليم الجيد لهم، سيتم في النهاية رفع مستوى هذه الشرائح التي هي الأضعف اقتصاديا.

8- يساعد التعليم الجيد على تواصل أفراد المجتمع مع بعضهم و مع الآخرين بشكل أفضل، وتسود لديهم لغة التسامح والتعايش، وذلك من خلال التربية على المواطنة بوصفها ضرورة مجتمعية معاصرة.

التوصيات:

1- مراجعة وتقييم فلسفة وأهداف التعليم العام والجامعي بما يحقق جودة الحياة لأفراد المجتمع.

2-ربط التعليم بحاجات المجتمع ومتطلباته من جهة، ومتطلبات العصر والتقدم العلمي من جهة أخرى.

3- مراجعة محتوى المناهج بما يعزز القيم والاتجاهات والسلوكيات التي تمكن الأفراد من التعلم للعيش معا في عالم يتصف بالتعددية والتنوع.

4- التأكيد على تحقيق جودة تعليم المرأة في المؤسسات التعليمية، من خلال إزالة المفاهيم الخاطئة، ونبذ العادات والتقاليد التي تحد من أداء دورها في تنمية المجتمع.

 


المصادر:

أبو سعدة، وضيئة محمد. (2013). دور التعليم في تحقيق جودة الحياة بالمجتمع المصري: دراسة تحليلية، مجلة المعرفة التربوية، 1(1) 79-119.

راميريز، فرناندو ام و تشونغ، كوني كيه. (1440هـ).  التدريس والتعليم والإعداد للقرن 21، ترجمة محمد وهبي، الرياض: مكتب التربية العربي لدول الخليج.

مرشد، عبلة. (2018). كيف يسهم التعليم في جودة الحياة، صحيفة الوطن، تصدر عن دار عسير للصحافة والنشر، العدد 29/8/2018. متوفرة على الموقع: https://www.alwatan.com.sa/

النويران، فرحان. ( 2020).  مستوى جودة الحياة لدى طلبة المرحلة الثانوية اللاجئين السوريين في محافظة الزرقاء، المجلة العلمية لكلية التربية جامعة اسيوط، 31(10) 224-242

The Asian School. (2018). Importance of education in life, Dehrand, India. Available on website: https://www.theasianschool.net.

Fazilah,I and et. al. (2012). The role of education in shaping youth national identity, Social and Behavioral Sciences, 59,443-450.

Ibrahim, F.K.  (2018). Students quality of life at the college of basic education- university of Mosul. Published in proceeding of   EDULEARN 18, 2nd-4th July 2018, Palma, Mallorca, Spain, p10441- 10448.

كاتب المقال

أ.د. فاضل خليل ابراهيم

أستاذ المناهج وطرائق التدريس في كلية التربية الأساسية بجامعة الموصل بالعراق، والعميد الأسبق لها (2003-2012). حاصل على شهادة الدكتوراه من جامعة ويلز/ المملكة المتحدة (1990). نشر 60 بحثا في العديد من المجلات العربية والأجنبية. أشرف على 33 رسالة ماجستير ودكتوراه. أصدر أربعة كتب في المناهج وطرائق التدريس وقضايا تربوية ونفسية.