الرئيسية / أخبار / مزارعون منقسمون حول عمل الوحدات الإرشادية و«الزراعة: قلة الإمكانات تحد من عمل

مزارعون منقسمون حول عمل الوحدات الإرشادية و«الزراعة: قلة الإمكانات تحد من عمل



مزارعون منقسمون حول عمل الوحدات الإرشادية.. و«الزراعة»: قلة الإمكانات تحد من عملنا
اللاذقية – باسمة إسماعيل – سراب علي

الجواب عن سؤالنا حول عمل الوحدات الإرشادية الزراعية في محافظة اللاذقية لعدد من المزارعين من منطقة الحفة والقرداحة وجبلة وغيرها من المناطق لم يحتج الكثير من الوقت للإجابة عنه بل كان الجواب حاضراً سواء لناحية الرضا عن عمل تلك الوحدات أو عدمه ؟ كما أن إجاباتهم تدل على أن العملية الزراعية والقطاع الزراعي بمختلف جوانبه عموماً يحتاجان المزيد من الدعم بمختلف الجوانب.
فعلى الرغم مما تقدمه الوحدات الإرشادية من إرشاد وتوجيه وتعليم إرشادي, لا تزال في نظر بعض المزارعين «مقصرة» أحياناً في عملها ويطلبون منها أن تكون الداعم لهم في تأمين مستلزمات العملية الإنتاجية بدءاً من الحراثة والزراعة وانتهاءً بالتسويق.
يحمّلونها مسؤولية
في منطقة جبلة تفاوتت آراء المزارعين بين مَن يقول: إن الخدمات التي تقدمها الوحدات الإرشادية غير كافية إشرافاً ولا توجيهاً، وأيضاً وجود مزاجية في توزيع المنح الزراعية ومستلزمات الإنتاج، وبين مَن قال: إنّ ما تقوم به الوحدات ضمن الإمكانات المتاحة لهم مقبول من حيث كشفهم عن الآفات والأمراض التي تصيب الحيوانات ورشهم المبيدات أو إعطائها للمزارع حسب الضرر ولكن لقلة المستلزمات لا تصل لكل المزارعين، ناهيك بمشكلة توزيع المنح الزراعية والمعونات التي يقال إن الجهة المانحة تضع شروطاً لها، وعلى الرغم من محاولة الوحدات مساعدة المزارعين لكن المزارع لم يستفد بالشكل الأمثل لقلة مستلزمات الإنتاج التي أثرت في العملية الإنتاجية.
ورأى آخرون أن الخدمات المقدمة من الوحدات جيدة من إشراف، ومتابعة انتشار الآفات وتنبيه في حال حدوث حرائق، وإنجاز التنظيمات الزراعية لتوزيع السماد والبذار، وإشرافها على توزيع المبيدات والمصائد والمازوت الزراعي، وقيامها بالإحصاءات الزراعية والإنتاجية.
وأشار مزارعون إلى التجاوب من قبل الوحدات حيث تنقل وجهات نظرهم، وتحصر الآفة وانتشارها وتوزعها، وترفع تقرير للدائرة التي تعالج، كما تحدد كمية السماد، والمصرف يوفر السماد حسب الإمكانات، وقد تم توزيع المازوت الزراعي للمزارعين حسب الاحتياجات.
الندوات غير كافية
وبيّن العم أبو محمود من منطقة الحفة أن تطور العملية الزراعية وأوجه الاختلاف في الاعتناء بشجرة الزيتون كبير بين الماضي والحاضر ويتطلب الاستعانة بالاختصاصيين قائلاً: إنّ النصائح التي زودوني بها في الوحدة الإرشادية كمزارع زيتون ونفذتها كانت كفيلة بالاستغناء عن المبيدات الحشرية والأسمدة الزراعية الباهظة الثمن .
وقال المزارع أبو مصطفى من منطقة القرداحة: لا تكفينا تلك الندوات التي تعقد بين الفترة والأخرى، والإرشادات التي زودونا بها حفظناها وطبقناها وكان لتطبيقها فائدة، ولكن اليوم نريد دعماً حقيقياً بتأمين المياه باستمرار وتأمين البذار ولو بنصف سعرها، وغيرها .
من جانبه قال أحد المزارعين من منطقة الحفة: عمل الوحدات جيد ويبذلون جهداً في مساعدتنا في تحسن زراعاتنا ولكن قلما يستطيعون التواجد معنا بسبب عدم وصول وسائل نقل للتنقل بين الأراضي والمزارع، وأحياناً ننقلهم بآلياتنا الزراعية للوصول إلى أراضينا ومساعدتنا وهذه معاناة لنا ولهم حيث لا يتوافر المازوت والبنزين لآلياتنا في كثير من الأحيان.
ضمن إمكاناتنا
صعوبات وهموم من نوع أخر يعانيها رؤساء الوحدات الإرشادية والمشرفون والاختصاصيون في الوحدات حيث إن العمل الإرشادي يكون عن طريق الإقناع وليس الإجبار كما أنه يتم الاستعانة بـ«مختار ورئيس جمعية» للقيام بالعمل إذ إنه من الصعوبة إقناع بعض المزارعين بتغيير معتقداتهم التي توارثوها عن آبائهم وأجدادهم، هذا ما بيّنه المهندس كاسر قصيبة رئيس الوحدة الإرشادية الداعمة في عرامو، وأضاف: عدم توافر الآليات التي تنقل المرشدين للقيام بالزيارات الميدانية يعوق عمل الوحدة، لافتاً إلى أنه في الفترة مابين 2005و2010 كانت الثقة متبادلة بين الوحدة والمزارع وكان يثق بعملنا حتى وصلنا إلى برنامج مكافحة متكامل لمحصول التفاح والزيتون، أما الآن وبسبب تغير الظروف وارتفاع الأسعار وعدم قدرة المزارعين على مجاراتها والضغوط الأخرى أصبح من الصعب إقناع الفلاح بسهولة بعملنا.

وعن عمل وحدة عرامو قال قصيبة: وحدة عرامو الداعمة مزودة باختصاصيين وفنيين ذوي خبرة عالية بمحصولي التفاح والزيتون كما أنه في كل وحدة طبيب بيطري، ويتبع للوحدة الداعمة عدة وحدات إرشادية عامة تنفذ بيانات عملية ونشاطات تجري مسابقات إنتاجية للمزارع الذي محصوله جيد ولتشجيع بقية المزارعين، كما تقوم الوحدة بإعداد وتنفيذ دورات للمهندسين والمشرفين حول البرامج الزراعية الواجب تنفيذها على مستوى الوحدات العادية للمزارعين, كما أشارت رئيس وحدة البهلولية المهندسة أجفان أحمد في حديثها عن عمل الوحدة التي تغطي ثلاث قرى وخمس مزارع، إلى أنه يتم تنفيذ الكثير من حملات المكافحة والأهم من كل هذا متابعة عمل معاصر الزيتون التي تشرف عليها الإرشادية لمتابعة نشر مياه الجفت بعيداً عن الأنهار والسواقي ونثرها ضمن حقول الزيتون باعتبارها مادة سمادية, وتالياً تلافي وصولها للسواقي والأنهار وحماية الأسماك.
وذكرت أحمد أن أهم معوقات العمل صعوبة التنقل وعدم وصول السيارات إن وجدت لبعض المناطق مثل أرشوك إذ لا توجد سيارات إلا بطلب خاص, وهذا يكلفنا مبالغ وأجوراً إضافية، وكذلك يشتكي المزارع من ارتفاع تكاليف العمل الزراعي من الأسمدة المرتفعة وأجور الحراثة الباهظة في بعض الأوقات وصعوبة التسويق إذ إن السيارة الطلب إلى سوق الهال تكلف الكثير، ويطالب الفلاحون بتأمين مازوت زراعي باستمرار كذلك بنزين زراعي للآلات المختلفة حيث يصعب الحصول على المشتقات النفطية اللازمة إلا بأسعار عالية جداً، وأشارت أحمد إلى التعاون المميز بين المزارعين والوحدة حتى إن بعض مزارعي القرى المجاورة طلبوا الانتساب إلى إرشاديتنا .

ليست من صلب عملنا
فيما اجتمعت آراء مَن تواصلت «تشرين» معهم من رؤساء وحدات إرشادية بالسهل والجبل في ريف جبلة، إلى أن الخدمات التي تقدمها الوحدات حسب الإمكانات المتاحة تعدّ بالشكل الأمثل، أما إذا قيست باللازم توفرها لجميع المزارعين فهي مقبولة ولكن لا يجعل العملية الإنتاجية بالشكل الأمثل مشيرين الى أنه عندما يتم إرسال كميات مازوت زراعي أو مبيدات أو أسمدة وغيرها لا تكفي الجميع ويتم توزيعها حسب السجل الزراعي، فعند نفاد المادة وعدم كفايتها للبقية سيخلق فجوة بين المزارع والوحدة ويبدأ المزارع بقذف التهم بأنه يتم التوزيع بمزاجية، وتالياً يحمل الوحدة مسؤولية ليست من صلب عملها الذي هو تقديم التنظيم الزراعي بما يتناسب مع مساحة الأرض ونوع الزراعة..إلخ، ومتابعة انتشار الآفات والأمراض وتقديم الندوات والحملات للتعريف بهذه الآفات وأضرارها وإرشادهم، وإرسال الكتب لجهة المعنية بالوضع العام للمحاصيل والنبات والآفات لاتخاذ الإجراء الأمثل بما يضمن الإنتاج الجيد.
وأضافوا: نحن كوحدات نعمل بصورة جادة على كسب المزارع وإشراكه بالحملات المقامة من قبل الوحدات، وإعلامه بطبيعة عملنا الإشرافي والتوجيهي وتنظيم الأوراق اللازمة لاستلام مستلزمات الإنتاج، وأكدوا أن عمل الوحدات الإرشادية لا تكون بصورتها المثلى إلا في حال تكامل العمل ما بين المصارف الزراعية والقطاعات الأخرى كاتحاد الفلاحين ولجنة المحروقات ومؤسسة إكثار البذار، فهي قطاعات مشتركة بالعملية الزراعية وأي خلل بقطاع ما سيؤثر في لإنتاج.
الوحدات شريك أساسي
من جهته أشار حكمت صقر رئيس اتحاد فلاحي اللاذقية إلى التعاون بين الوحدات الإرشادية في المحافظة والجمعيات الفلاحية فهم العنصر الفعال على الأرض بإيصال مستلزمات الإنتاج حسب المتوفر، وأضاف: بات معلوماً للجميع أن مستلزمات الإنتاج من سماد ومحروقات غير متوافرة بالشكل الأمثل ومع ذلك يتم التوزيع حسب الإمكانات، أما بالنسبة للمبيدات الزراعية فأسعارها مرتفعة وغير متوافرة وإذا قسنا عمل الوحدات الإرشادية بالظروف الحالية والإمكانات المتوفرة فهو مقبول.
وأوضح صقر أن سبب شكاوى الفلاحين قلة مستلزمات الإنتاج وعدم توافرها، والفلاح يعاني وهو على حق لكن ليس بالإمكان أكثر ما كان، مشيراً إلى سعي الاتحاد لتأمين مستلزمات الإنتاج وبأسعار مقبولة وإيصالها لجميع الفلاحين في المحافظة حسب الإمكانات، وبما أن الوحدات الإرشادية هم شركاؤنا بالعمل يتم التنسيق بين الاتحاد عبر الجمعيات الفلاحية.
رئيس دائرة الإرشاد الزراعي في مديرية الزراعة المهندس إحسان جابر بين أن هناك 101 وحدة إرشادية موزعة على أربع مناطق في اللاذقية منها ٨ داعمة اثنتان في كل منطقة تقدم الدعم الفني للأنشطة الزراعية من ندوات وبيانات عملية وحصر المشكلات الفنية والزراعية التي تعوق الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني والعمل على معالجتها وإيجاد الحلول المناسبة لها.
وأشار جابر إلى أن عملية الإرشاد يقوم بها جهاز متكامل من المرشدين الزراعيين المختصين في الحمضيات والزيتون والزراعات المحمية والثروة الحيوانية, إضافة إلى الفنيين لخدمة للمزارعين وأسرهم وبيئتهم ومساعدتهم في استغلال إمكاناتهم المتاحة وجهودهم الذاتية لرفع مستواهم الاقتصادي والاجتماعي.

ولفت جابر إلى أنه يتم التنسيق بين الوحدات الداعمة والعادية في وضع الخطط والبرامج الزراعية وفق كل محصول حيث يتم القيام بالجولات الزراعية من قبل المهندسين الزراعيين على المزارع والمزارعين لمراقبة الوضع الزراعي العام وإرشاد المزارعين لإتباع أسلوب الإدارة الآمنة للآفات الزراعية ولتنفيذ الأعمال الزراعية في وقتها لأن كل عملية يجب أن تتم في وقت محدد.
وأكد رئيس دائرة الإرشاد على ضرورة عدم تعارض العمل الإرشادي مع تقاليد المجتمع الريفي والعمل على كسب المسترشدين وتكوين علاقة طيبة معهم والتعاون الوثيق مع الأجهزة البحثية الزراعية والجهاز الإرشادي، مشيراً إلى أنه يتم نقل التقانة الحديثة للمزارعين عن طريق وسائل متعددة «ندوات إرشادية أيام حقلية مباريات إنتاجية»، مؤكداً تطبيق الإرشاد التشاركي مع المزارع حيث يتم الاستفادة من خبرته وصقلها وتطبيق تجاربه ليستفيد منها المزارعون الآخرون.
وعن شكاوى ومشكلات المزارعين أوضح جابر أن الوحدات الإرشادية ليست مسؤولة عن توزيع الأسمدة والمحروقات للمزارعين وإنما تقوم مديرية الزراعة ومن خلال الوحدات الإرشادية بالإشراف على توزيع المازوت الزراعي على المزارعين وتأمين الأسمدة من خلال التنظيم الزراعي، وأضاف: إن تأمين مستلزمات الإنتاج الزراعي التي يطالبنا بها المزارع هي ليست من صلب عمل الوحدات وإنما يتم أحياناً توزيع بعض المستلزمات الزراعية من شبكات ري ومنح زراعية وبذار عن طريق الوحدات والتي تقدمها أحياناً دائرة المرأة الريفية في المديرية .
الوحدات تعاني
وأكد جابر على التنسيق مع الروابط الفلاحية لما لهم دور في دعم ومساعدة المزارعين وعن طريقهم يتم تأمين الغراس للمزارعين والفلاحين المنتسبين للجمعية الفلاحية، وأضاف: يطالبنا المزارعون بحل مشكلة التسويق فالكثير منهم نفذ تعليمات الزراعة الصحيحة واستعان بالمرشدين الزراعيين في الوحدات وحصل على منتج جيد، وهنا نشدد على تضافر جهود الجهات الأخرى معنا لدعم الفلاح وتعزيز ثقته أكثر بعملنا وعمل تلك الجهات.
لا يخلو عمل الوحدات الإرشادية من المعوقات والصعوبات كما يقول رئيس دائرة الإرشاد الزراعي منها صعوبة تنقل الفنيين والمرشدين ووصولهم إلى أراضي المزارعين في كثير من الأحيان لعدم توافر الآليات ووسائل النقل التي من المفترض توافرها في الوحدات الداعمة والعادية بالإضافة لضعف الإمكانات المادية وغياب التعويضات التي يستحقها العاملون في تلك الوحدات فهم يتكلفون بأجور النقل في عملهم ويستحقون التقدير والتعويض على عملهم الذي يحفزهم للعمل أكثر.


صحيفة تشرين